عمنا رزق والوصاية المسلحة!!
كنت ناوي أن تكون هذه التدوينة عن اليومين اللي قضيتهم في إسكندرية لكن عمنا حمدي رزق ماسبنيش اتهنا واكتب عن اليومين دول، فاجأني بمقال من مقالاته الجامدة في الفترة الأخيرة، وعلي الرغم من أني أحب مقالات حمدي رزق كلها بغض النظر عن اتفاقي معها أو اختلافي إلا أن مقاله في المصري اليوم والذي حمل عنوان "دولة الإخوان" حمل فكرة كانت تستحق الكثير من التوقف أمامها.
الفكرة التي جاءت في المقال، وعلي الرغم من أن الأستاذ رزق قال أن الفكرة ليست من بنات أفكاره إلا أن كتابته للمقال بهذا الشكل تدل علي أنه من المؤيدين لهذه الفكرة، الفكرة التي تبانها بعض المفكرين في "رواق ابن خلدون"، التابع لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ويترأسه د. سعد الدين إبراهيم، باختصار مخل هي "إدخال لقوات المسلحة طرفا في المعادلة وحاميا للدولة المدنية وتقييد هذا التدخل بقرار المحكمة العليا" بنص كلام عمنا رزق.
هذه الفكرة نبعت في الرواق أثناء مناقشة (ما تضمره جماعة "الإخوان" لهذه الدولة إذا تمكنوا منها بالانتخاب الحر الديمقراطي، وما إذا كانوا سينقلبون علي آليات المجتمع المدني ويسحلون الديمقراطية، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحكمون فينا الحلال والحرام في دولة طالبانية لن تبقي ولن تذر من أساسات مدنية عاشت ردحا من الزمن ويهدد بزوالها إخوان "المصحف والمسدس" كما يقسمون في غرفهم المظلمة.)، والكلام للأستاذ حمدي رزق أيضا.
طرح فكرة حارس مدنية الدولة في مصر جديدة علينا، ويبدو واضحا أنها مستمدة من التجربة التركية حتى ولو لم يصرح أي أن أعمامنا في الرواق بهذا، فتركيا هي الدولة الوحيدة القريبة إلينا – والتي أعرفها- التي تقيم القوات المسلحة حاميا وحارسا للعلمانية في الدولة، مع الاحتفاظ لأصحاب الرواق بالفارق بين المدنية والعلمانية، طبقا لتعليمات جدهم كمال أتاتورك الذي يعود إليه الفضل في القضاء علي الخلافة العثمانية. فالرجل كان صارما وبحق في فصل الدين عن الدولة وتعيين حارسا يتابع عملية الفصل.
لكن أستاذنا حمدي رزق لم يحدثنا عن مساوئ تنصيب القوات المسلحة حارسا علي مدنية الدولة، أو علمانيتها، إلى الحد الذي وصل الآن لوجود ما يسمى بـ"الصراع حول أسلمة الدولة التركية" فاستفحل دور المؤسسة العسكرية في تركيا إلى الحد الذي طلب معه الاتحاد الأوروبي تحجيم دور المؤسسة العسكرية وإتاحة فرصة أكبر للسياسيين كشرط لقبول انضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي.
لم يحدثونا عن استفحال دور المؤسسة العسكرية في تركيا الذي وصل إلى قيامها بثلاث انقلابات أعوام 1960 و1971 و1980 ، من أجل الحفاظ علي "علمانية الدولة"، ويطيح بحزب الرفاة الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان من السلطة عام 1997 علي الرغم من توليه إياها بانتخابات نزيهة، ولا عن المضايقات التي تتعرض لها الحكومة التركية الحالية المشكلة من "حزب العدالة والتنمية" - بقيادة رجب طيب أردوغان الذي كان قياديا في حزب الرفاة الاسلامي - من "حارس العلمانية" والتي وصلت إلى مهاجمة رئيس الحكومة لا لشيء الا لأن زوجته ظهرت إلي جانبه في أحد المحافل بالحجاب. هذه المضايقات كان من الممكن بكل بساطة أن تطيح بالحكومة من أجل عيون العلمانية لولا أن الحكومة اتخذت خطوات قوية نحو تحقيق الحلم التركي بالانضمام إلى الإتحاد الأوروبي.
تحدث الأستاذ حمدي رزق عن القوات المسلحة والمحكمة الدستورية العليا باعتبارهما حارسا للدولة المدنية فهو يتخوف من "دولة الإخوان"، ولكنه يتجاهل، هو وأصحاب الرواق، رغبة الشعب كما فعل الكثيرون ممن نهاجمهم ليلا ونهارا، سرا وجهارا، ممن نصبوا أنفسهم أوصياء علي الشعب يعرفون تماما ما يريده، يعرفون مصلحته أكثر منه.
ولكن ماذا لو كان اختيار الشعب أن تكون الدولة في مصر تلك الدولة التي يتخوف منها الأستاذ حمدي رزق والأخوة في الرواق، وأنا معهم في الوقت الحالي علي الأقل، تلك الدولة التي قال عنها عمنا: "يأمل الحادبون علي الدولة المدنية في ألا يحدث انقلاب يجيب عاليها المدني في واطيها الليبرالي، ونجد أنفسنا وظهورنا للحائط لتطبيقات مجحفة للحدود، وتحكيم القصاص قبل تحقيق العدالة وسد الحاجة، وسجن النساء في سجون من أزياء سوداء تخفي الوجوه".
"يأمن المثقفون والمبدعون علي فطرة إبداعهم، وبكارة رؤاهم، وطلاقة أفكارهم دون سجون في كتب صفراء تجعل من التفكير كفرا، ومن الاجتهاد شركا، ومن الفكر الحر إلحادا والعياذ بالله".
ماذا لو قام الشعب المصري بأول اختيار ديمقراطي في تاريخه وكان اختياره "دولة الإخوان"، ماذا سيفعل ساعتها "حارس الدولة المدنية"؟؟ بكل تأكيد سيذبح اختيار الشعب من أجل عيون المدنية. ساعتها ماذا سيبقى من الديمقراطية واختيار الشعب الحر وكل هذا الكلام الجميل.. لا شيء "فالحارس" يقول لا دولة إلا الدولة المدنية وليذهب الشعب واختياره إلى الجحيم.
ماذا لو سأم الحارس من القيام بدوره كحارس وفي أحدى مرات قيامه بدوره في الحفاظ علي الدولة المدنية قرر أن أفضل وسيلة لحماية الدولية المدنية من شعبها الغبي الذي أختار "دولة اخوانية" أن يتولي هو قيادة الدولة من أجل الحفاظ علي مدنيتها، ألن يعيدنا هذا إلى غياهب أيام حكم العسكر المجيدة، التي لا زلنا نرفل تحت حكمها!!.
ويبقى السؤال الأهم ماذا سيفعل الأستاذ حمدي رزق والأفاضل رواد رواق ابن خلدون وكل من يرفض قيام دولة الإخوان، كما يسمونها، لو كان هذا اختيار الشعب.. لو اختار الشعب إقامة الحدود وتواري النساء خلف خيمات سوداء.. هل سيقبلون باختيار الشعب أم سيجتمعون مرة أخري ليصرخوا أن ما يجري هو تزوير لإرادة الجماهير؟؟
هناك تعليقان (٢):
مشكلة رواد دكان ابن خلدون وعلى راسهم سعد الدين ابراهيم وفي ذيلهم احد المستقيلين منه مصطفى الفقي الذي كتب في الحياة اللندنيه عن الديمقراطية والانتخابات .. ان هؤلاء جميعا لا يستطيعون قبول نتائج الديمقراطيه ولا يستعدون لممارستها تحت نظام يسد عليهم منافذ المال والشهره ويسلبهم بعضا من نجوميتهم
المشكلة ليست في التخوف من الاخوان فحسب وهذا امر مشروع لأي احد ان يتخوف والا يختار الاخوان مالم يرى انهم على درجة جيده من الوضوح والايمان الحقيقي بالديمقراطيه ومدنية الدولة كما يعلنون ، المشكلة هي في المصادة والقمع باسم الديمقراطيه ، المشكلة هي في التخوين واستعداء العالم على الجماعات الاسلامية التي ارتضت النهج السلمي وانحازت للديمقراطيه التي صعدت بها الى سدة الحكم في بلاد ما زالت محتله وصعدت بها الى شغل ثلث مقاعد البرلمان في بلاد محتلة احتلال داخلي ايضا
انا لا اعول على كلام حمدي رزق لاني اعتبره عمله زائفه وأداه حمضانه تفقد مصداقيتها في مواجهة تيار الاخوان ، قد تنتقدهم ولا توافق على مشروعهم وتتخوف منهم لكن دون ان تصبح اداة طيعه في يد من يريد تشويه صورتهم بلي الحقائق والتزييف والكذب ،حتى وان كانت هناك مواقف تظهر نوعا من الانصاف وهي ليست سوى موازنة مواقف لتمرير اخرى
ما علينا حمدي رزق ليس شخصا مهما على كل الاحوال ولو بالنسبة لي ، اما سعد الدين ابراهيم فمواقفه متناقضه كثيرا بين حق الاخوان والتيار الاسلامي عموما في تمثيله السياسي عبر قنوات شرعيه - احزاب مدنيه - وبين قمعه وترويجه لما سيصيبنا من حكم الاخوان ، كنت قد شاهدت له برنامجا على احدى القنوات الكنديه واعادت الال بي سي على ما اتذكر هذه الحلقة مترجمه وقال في الاخوان كلاما لو سمعته من شخص لا تعرفه لظننت انه عضو مكتب ارشاد في الاخوان
انا لست ضد التخوفات من الاخوان لكني ضد وضعها كعراقبل تجعل الانقلاب على اختيار الشعب لهم اهم من مواصلة الحوار معهم
اعتقد ان الاخو ان حركه تستحق الدراسه والحوار اكثر اكثر من التعميم والاقصاء فلا يوجد تيا ر بدون اخطاء فالكل من اقصى اليمين الى اقصى اليسا ر ليسو منزهين وليسو حما ه للديمقراطيه فما الفرق بين من يدعى حما ية الاسلام ومن يدعى حما ية الديمقر اطيه وكلاهما لايحميا ن الا انفسهم نحن بحاجه الى حوار لا الى تشنجات وفلسفات وعنجهيات يجب ان يتكلم الجميع ويكون الرهان على الانسا ن المصر ى مهم كا ن اختياره
إرسال تعليق