الأربعاء، ديسمبر ٢٧، ٢٠٠٦

برجاء عدم النزول

الحياة ببساطة هي قطار يتوقف في كل محطة لينزل منه البعض.. ويركب البعض الاخر.. وأحيانا ينزل البعض في غير محطة..

أعرف أن الكثيرين قد قالوا هذا من قبل.. وربما يبدو لك سخيفا.. ولكني أتمنى ألا ينزل أحدا من قطاري.. الدعوة مفتوحة للركوب.. ولكن أرجو ألا ينزل أحد.. ليس قبل نهاية الرحلة..

اليوم قبلتها

عدت اليوم من الخارج ففتحت لي الباب مثل كل ليلة.. نظرت لها سألتها كيف هي.. ثم قبلتها.. فأنا لم أقبل وجنتيها منذ زمن.. وكم أسفت لذلك..

منذ يومين كنت عائدا مثل كل ليلة.. كانت نائمة.. بعدها بساعتين رأيتها جالسة علي ذلك المقعد الذي اعتادت أن تجلس عليه كلما أصابها الأرق.. أو كلما عاودتها ألام الحساسية العصبية.. الأطباء يعرفون ما تسببه من ألم.. ولمن لا يعرف هي في أبسط تعريف لها ارتفاع في حرارة الجسم تحس بها تحت الجلد مما يدفعها إلي حك الجلد.. ومزيد منا الحك.. ومن اسمها تعرف أنها نتيجة الضغط العصبي..

اقتربت منها لأكتشف أنها لا تعاني من الأرق.. ولا أحد يسبب لها الضغط العصبي سوى ذلك النائم بالداخل الذي يريد أن يتزوج في أيام معدودات علي طريقة "اتصرفيلي".. أرى ذراعها وقد قارب جلده علي النفاذ.. لا أملك أن أفعل شيئا سوى أن أربت علي رأسها.. وأن تدمع عيني وأن أنزوي في ركن الغرفة لأرى ذلك النائم يصحوا يتجه نحو دورة المياة مارا بها ثم يعود إلي السرير وكأنه من الطبيعي أن تصحو في الرابعة فجرا وترى أمك جالسة فوق ذلك المقعد الذي أنت تعرف تماما متى تجلس عليه..

بكيت وأنا أحس بالعجز.. وبالظلم.. ولعنت نفسي آلاف المرات لأني لم أخرج لكي أحتضنها وأربت علي رأسها.. فأنا أساوي صفر عند التعبير عن مشاعري.. ربما تغفر لي لذلك.. ولكن هل أغفر أنا لنفسي..

ربما لهذا عدت إلى هنا.. لكي أخفف قليلا من إحساسي بالذنب.. ربما لآن الكتابة تريحني.. ربما لأنها تضعني أمام نفسي المريضة.. ربما لأسباب أخرى.. ولكنى أعتذر لها..

الأحد، ديسمبر ١٧، ٢٠٠٦

عائدا إلي القبر

كان هناك يمشي بين الناس.. موزعا ابتساماته علي كب من يقابله.. ولكن الكل كان متجهما في وجه.. إلا القليل منهم.. فمنهم من رد الابتسامة.. ومنهم من قابلها بضحكة أجمل منها.. ولكنه كان دائما يلتفت ليجد وراءه من يرد علي الضحكة بأخرى.. لم يحزن فكان يكفيه لأن يرى تلك البسمة.. وتلك الضحكة..

كان يحمل في يده باقة من الزهور يحاول أن يعطي كل من يمر وردة منها.. لكنهم لم يمدوا أبدا أيديهم.. فكان يعلقها في عروات ملابسهم.. والشعر دائما كان اختيار متاح..

في لحظة ما أصابه ما يصيبه دوما فقرر العودة إلي حيث ينتمي.. بخطوات مثقلة كان يمشي.. يوزع أخر ابتساماته.. وأخر ورداته.. علي باب قبره ألقى نظرة أخيرة ورائه.. فتح القبر ودلف إلي الداخل وأغلق الباب من ورائه..

في صمت جلس كعادته.. حزينا كعادته.. ملعونا كعادته والأهم.. ميتا كعادته.. أحس بالضيق أكثر وبغضة الحلق تشتد عندما أحس بتلك الدمعة تحاول الفرار من عينه فمد يديه إلي ما كان يوما قلبه فأنتزعه وسد به ذلك الثقب الذي أعتاد أن يتلصص من علي العالم منذ قديم الأزل.. أثر السكوت واختار الصمت.. أدمعت عيناه مرة أخرى.. فكفكف دمعه بأوراقه التي قرر أنه لن يكتب فيها مرة أخرى منتظرا النهاية.. مشعلا سيجارة..

الأحد، ديسمبر ١٠، ٢٠٠٦

لم تعد.. كما كانت!

الأشياء كلها لم تعد كما كانت.. حتى هي لم تعد كما كانت..

لم تعد عيناي تلمع كلما أراها.. لم أعد أمتلئ فرحا وأقفز من فوق الحواجز.. لم أعد أركض كفتي يركض وسط آلاف الفتيان ينتظرهم في النهاية قلب عذري ليخط أولهم فيه أول سطر من كتاب كلمة "الحب"..

لم يعد صدري يخفق كما كان يفعل كلما أخذتني إلي الدور الثلاثين في ثانية.. وتهبط بي إلي الأرض في ثانية أخرى..

لم أعد أشعر بنفس السعادة التي تخترق ذلك المسمي بالقلب التي كنت أشعر بها كلما شقلبت كياني رأسا علي عقب في الهواء الطلق لتجعل شعر رأسي يتطاير مع الهواء علي الرغم من أني أحبت ذلك دائما..

لم أعد أشعر بنفس الرهبة التي كنت أحسها عندما تسقطني حرا في الماء.. أصبحت أفتقد احساسي بالمتعة حين تنثر الماء بعدها علي وجهي وشعري وكل جسمي.. فهي تعرف أنى أحب الماء.. والاحساس بالبرد..

لم أعد أشعر بعدم الاتزان الذي كانت تعطيني أياه كلما أجبرتني علي الدوران رأسيا بزاوية عكسية داخل عربة مغلقة..

لا أدري حقيقة أيا منا تغير بهذه الدرجة.. أهي لم تصبح قادرة علي أن تسعدني بعد الآن.. أم أنا الذي أصبحت لا أعرف للسعادة معنى.. أنا المخطئ أم هي التي لم تعد كما كانت..

عن الدريم بارك كنا نتحدث..