الأحد، ديسمبر ٢٣، ٢٠٠٧

كلكم كاذبون


كعادته كل يوم أثناء ذهابه إلي عمله الصباحي توقف أمام الباب الخلفي لكلية التربية النوعية ممسكا بأحد قضبان بابها الحديدي متسائلا في سخرية عن معنى اطلال باب الكلية التي تدرس الموسيقى علي شارع يحمل اسم "إيران" الدولة الوحيدة التي تحمل كلمة "إسلامية" ملحقة باسم جمهوريتها..

تجاوز سخريته مع تكرار المشاهد اليومية داخل الكلية التى كاد أن يحقظها.. شاب يجلس مع فتاتين فخورا بجيتاره حتى وإن لم يعزف عليه.. شاب وفتاة معا منذ أول يوم تمسك فيه بالقضيب المعدني حتى كاد يقسم أن الورقة التي يقرأ منها ذلك العاشق هى نفسها التي يقرأ منها كل يوم.. أربع فتيات متحلقات حول بعضهن يمارس هواية النميمة الصباحية التي تتعري فيها كل مكالمات الهاتف الليلية بنظرات أن اجلس واقترب..

ومثل كل يوم كانت تجلس هي هناك تحت تلك البرجولة الخشبية تنافس النخلة القائمة خيالا.. ممكسة بكوب من الشاي تملأ الأبخرة المتصاعدة منه سماء صباح يوم ملبد بالغيوم من أيام كانون الأول تضع نايها غير قريب ولا بعيد عن أشجان أنفاسها التي تنافس السخونة في قاع الكوب البلاستيكي..

مثل كل يوم كانت تجلس وحيدة ومثل كل يوم كان ينظر إليها فلا تراه موقنا أنها تنظر إليه فلا يراها، وفي اللحظة التي التقت فيها عيناهما أقسم أنها كانت تبكي.. ولكن العصفور المبكر فوق رأسه والقط الناعس تحت قدميه وورقة الشجر المتساقطة فوق كتفه اقسموا جميعا انها كانت تبتسم..

كانت شجية لدرجة جعلت مجرد فكرة انها ابتسمت ولو لم تراه كفيلة بان تجعله يبتسم.. استغرق في الجدال مع المبكر والناعس والمتساقطة حول جدوى ابتسامتها لو لم تكن رأته فهم يرون أن هذه علامة جيدة علي أنها لازالت تستطيع الابتسام مؤكدين انها ابتسمت فيما كان هو يشكك في بكائها معلنا ان ابتسماتها ان كانت قد حدثت فهي لا تعني شيئا له .. محدقا في القط قائلا له ربما ابتسمت لرؤياك متكاسلا عندما ذكرتها بنفسها ليلة أمس.. أو ربما ابتسمت لهذا المغرد في صباح عجز فيه نايها.. او ربما حتى ابتمست لهذة المتساقطة الماكرة التي تذكرها بنفسها في اوقات لا يعرفها سواها..

فأقمسوا جميعا مرة أخرى أنه وعلي الرغم من الأبخرة المتصاعدة فقد استطاعوا أن يروا ابتسامتها.. فابتسم

ابتسم ثم عبث صارخا .. كلكم كاذبون، ثم عدل من وضع حقيبة العود علي كتفه.. ورحل.

الأحد، ديسمبر ٠٩، ٢٠٠٧

هنا القاهرة



كان عقد الصلح مع الإسكندرية بدءا من هنا، يوم الخميس انتهاء أسبوع ممتلئ بالعمل، عيد ميلاد أحد الزملاء وكان القرار بالتوجه إلي مهرجان الشيكولاتة بساقية الصاوي.. وعلي الرغم من أن المهرجان هذا العام أقل من سابقه إلا أن الضحك والابتسام كانا موجودين مع التعثر في أناس هناك علي غير ميعاد.. تصوير وفقرة ستديو أحلى الأوقات.. في الانطلاق سريعا إلي وسط البلد.

محاولة الاختيار بين العمل وحضور حفلة اسكندريلا في نقابة الصحفيين، وكانت النتيجة لصالح اسكندريلا علي أن نعود إلي العمل ليلا، أصوات العود ووجوه بعض الأصدقاء وكوب من الشاي وسجائر و"جيفارا مات" ونهاية الحفلة والانتقال إلي أحد المقاهي ونسكافيه وشيشة معسل.. وكان ختام الليلة نزق ومجون مع علاء القمحاوي وكان ما ينقصنا وقتها جارية ووجوه بلحى طويلة في إضاءة خافته و"نأخذ من كل رجل قبييييييييييييييييييلة".

نوم متقطع صباح الجمعة علي أصوات الهواتف النقالة والأرضية حتى الظهر والاستيقاظ مع الصداع.. وداوني بالتي كانت هى الداء.. انطلاق إلي ميدان التحرير للقاء الرفيق الجنرال أحمد رفعت المهم أن يكون مكان التلاقي بعيدا عن "كنتاكي التحرير" J.. لهذا يبدو هارديز اختيارا جيدا.. متأخرين نصل وأحمد عاد للبيت وكان الحل عبر الهواء وشبكات المحمول المباركة ليعود مرة أخرى. ويتبقى السؤال.. إلي أين..

اختيارات تتراوح ما بين الإسماعيلية وحسن أبو علي، والفيوم، العين السخنة ومن وراءها السويس، وكان الاختيار أن يا خيل الإسكندرية اركبي، وعلي الطريق كانت محطة المصرية مصر الإمارات والحيرة بين الباتية والبيبسي والرغبة في الكابتشينو والسجائر .. وكان الجمع بينهم جميعا مع مصاصة مما جعل حدقتا عين القمحاوي تتسعا.. واكتشافه أنه نسى باقي نقوده زادهما حنقا..

وعلي الطريق الصحراوي كان إيمان البحر دوريش، ويا صحبجية إيه ياللاللي .. وانتهاء البيبسي وبداية الكابتشينو مع سيجارة ضد رغبة أحمد رفعت ومتعة الهواء المتطاير من حولك ومشاهدة الطريق أحد هواياتي المفضلة، وجنون التوقف علي الصحراوي للتصوير بجوار لافتة الكيلو 68.. ولا تسأل لماذا هى دون غيرها..

بوابة الإسكندرية وتكاثف الغيوم فوق السماء.. الملاحات ورائحتها.. وكان التلاقي مع البحر عند جامعة الإسكندرية وفقرة أخرى من ستديو أحلى الأوقات.. البرودة المحببة إلي نفسي .. ورفعت يطالبني بارتداء السويت شيرت ليخبره القمحاوى أن الجو جميل.. واختفت الشمس عن أعيننا ليرتفع ضوء السيجارة معلنا الرحيل..

وكان التوقف في الأنفوشي.. شوارع الناس والأسواق وأظلمت السماء إلا قليلا، فلم يبقى طاقة من نور في نهاية الشارع.. كبدة وكفتة "وهبة" الأسطورية.. محاولات مستميتة من رفعت لاقناعي بتناول سوبيا "طلعت".. أخبره أني لا أحب السوبيا.. فيقول أنه أيضا لا يحبها.. أشربها فأقرر أني سوف أشرب سوبيا بعد ذلك .. من عند طلعت فقط.

رفعت مرة أخرى ومحاولات اقناعي بتناول حلو من "كسكسي الجامبو" اخبره مرة أخرى أنى لا استسيغ الحلويات فضلا عن عدم استقرار معدتي معها وآلام الأسنان.. ومرة أخرى أرضخ وأتناول كسكس بالبليلة والمكسرات والقشطة .. تصرخ أسناني وأخبره أن أم علي الساخنة المستقرة في طاجن علاء بالتأكيد أفضل..

وكان البحر مرة أخرى.. القلعة وتكسر الأمواج علي الصخور المجاورة لها حيث أعشق الجلوس.. والبحث عن شيء مالح يكسر ألم الأسنان.. عربية بطاطا تبدو اختيارا سيئا في ظل غياب الملح من البائع الغير موجود أصلا.. ذرة مخزنة من الموسم الصيفى بائعها أيضا غير موجود، وخناقة مع بائع الترمس الذي يرفض إعطائنا قرطاس فارغ للقشر مطالبنا برمي القشر علي الأرض "زي الناس" تنتهي بانتصارنا.. والضحك أمام بائع الحمص في أخر الرصيف.. وفينك من بدري..

الجلوس أمام الأمواج المتكسرة علي الصخور مرة أخرى.. وأكواب الشاي.. جلسة تصالح مع الإسكندرية بأكملها بعد عدد من الزيارات المعكرة بيننا.. يبتسم البحر وأعيد أكتشف أن الاستمتاع بالسيجارة لأطول فترة بدلا من حرق أكبر عدد من السجائر هو ما أفضله.. وأضع العلبة بعيدا لاشتاق اليها..

تكتمل الصورة بالأمطار.. وانصاع لرفعت وارتدي السويت شيرت والرحيل مقترنا بوعد علي لقاء أخر.. بوابة الإسكندرية وكابتشينو مرة أخرى وسجائر بدلا من تلك التي قاربت علي النفاذ.. تودعنا الإسكندرية بأمطارها إلي أخر مدى تستطيعه.. ثم تصفوا لنا سماءها وترتسم ابتسامة النجوم مع صوت منير ولما النسيمن وإيمان البحر دوريش والأولة بيانوني سف المال والتانية آه من مدموازيل باسكال والتالتة أتاري القمار له حال، بينما كان فؤاد يتعجب أوقات يا دنيا معاكي بعيش وساعات مبفهمكيش..

عتاهية التوقف أمام لافتة الكيلو 68 علي باب القاهرة من أجل تصويرها لمجرد انها خطرت علي ذهن أحدنا ولطيفة تغني "لما يجيبوا سيرتك يحلو الكلام"، ومنير مرة أخرى و"ممكن".. وكانت النهاية مع علي الحجار .. هنا القاهرة أسى الوحدة في اللمة والنطورة..

السبت، نوفمبر ٢٤، ٢٠٠٧

إعادة ترتيب



أن تعيد ترتيب الكون بما يتناسب مع ما تستحق، ويتوافق مع ثقة مبنية علي أسس سليمة ومتوافقة مع ما يراه الاخرون فيك وتعجز احيانا على رؤيته

الاثنين، نوفمبر ١٩، ٢٠٠٧

هي لم تعرف

ربما ما حدث أنها لم تعرف أنه لا زال هناك من يبكي أمام البحر، أنه هناك من يقف بالساعات متأملا لشيء لم يعد يعرف ماهو، أن هناك من يشرب أربعين سيجارة في ثلاث ساعات.

ربما ما حدث لأنها لا تعرف أن هناك من ينام وهو يجز علي أسنانه ويستيقظ فزعا ..

-----------------

كنوع من الاعتذار لمن افسدت عليهم وقتهم في الاسكندرية

الخميس، نوفمبر ١٥، ٢٠٠٧

بكي البعض

أسر له ببضع كلمات في أذنه فضحك حتى بكى.. فبكي حتى انتحب وتقطع نياط قلبه ..

وعندما حملوه علي أعناقهم وأغلقوا عليه بكى البعض.. وضحك البعض الآخر

الثلاثاء، نوفمبر ١٣، ٢٠٠٧

صباح تشرين



أغنية جميلة تنتظرك صباحا من صديق .. فنجان قهوة جاءك البن الخاص بها رأسا من البرازيل هدية من صديق.. وسيجارة فوق السطح حيث تهب عليك نسمة باردة منعشة تميز صباح تشرين الثاني.. بالتأكيد تمنحك صباحا مميزا

Tie a ribbon round the old oak tree



I'm comin' home, I've done my time

Now I've got to know what is and isn't mine

If you received my letter telling you I'd soon be free

Then you'll know just what to do

If you still want me

If you still want me

Whoa, tie a yellow ribbon 'round the old oak tree

It's been three long years

Do ya still want me?

If I don't see a ribbon round the old oak tree

I'll stay on the bus

Forget about us

Put the blame on me

If I don't see a yellow ribbon round the old oak tree

Bus driver, please look for me

'cause I couldn't bear to see what I might see

I'm really still in prison

And my love, she holds the key

A simple yellow ribbon's what I need to set me free

I wrote and told her please

Whoa, tie a yellow ribbon round the old oak tree

It's been three long years

Do ya still want me?

If I don't see a ribbon round the old oak tree

I'll stay on the bus

Forget about us

Put the blame on me

If I don't see a yellow ribbon round the old oak tree

Now the whole damned bus is cheerin'

And I can't believe I see

A hundred yellow ribbons round the old oak tree

I'm comin' home

الأحد، نوفمبر ١١، ٢٠٠٧

عن اللون الأبيض

رحل غير مأسوفا عليه .. إلا قليلا، وعاد فلم يأسف لعوده أحد..

وبعد عودته لم تشرق ألف شمس.. ولم ينير ألف قمر ..

ولم يكن يرى أي شيء الا الأبيض الملتف به.. فالشرع لم يضع غيره

الخميس، نوفمبر ٠٨، ٢٠٠٧

لقب جديد

قررت المشيئة الآلهية عصر أمس منح أحمد الهواري لقب عم بالإضافة إلي لقبه السابق كخال

:)

الأحد، نوفمبر ٠٤، ٢٠٠٧

يملك ولا يحكم

بعد حريق روما احتار نيرون كثيرا في ما يفعله خاصة إزاء الضغوط بنقل عاصمة الإمبراطورية إلي مدينة أخرى، وعندما استشار معلمه الخاص أشار عليه بان هذا هو التوقيت الذي يجب أن يحكم فيه كإله ، وهنا اتخذ نيرون قراره بأن يعيد روما إلي مجدها، وان يجعل منها مدينة الأحلام، وعندما نفذت النقود وبدأ في الاستيلاء علي أموال المعابد المخصصة للآلهة وعم السخط في البلاد قال لمعلمه أنت من أخبرني بأن علي الحكم كاله، فقال له المعلم الآلهة لا يجب عليها القلق بشأن التكاليف أما الملوك فعليهم ذلك.

علي الرغم من أني كنت قد قررت ألا أوجه الشكر مرة أخرى لأصدقائي، علي اعتبار أن الأصدقاء لا يحتاجون الشكر، وعلي أساس أنى لو استمر بي الحال في الشكر لجلست طول العمر أكتب في خطابات الشكر وأني حتى لو فعلت ذلك فلن أوفيهم حقهم، بالإضافة إلي أني كثير النسيان – وهم يعرفون – وأخشى أن أنسى أحدهم، إلا أني اليوم قررت أن أشكرهم ولما كنت كثير النسيان فليسامحوني وليسامحني الله.

شكرا لأوقات قضيناها علي الماسينجر ولرسائل علي الموبايل، شكرا علي اتصال تليفوني، شكرا لأوقات مشيناها سويا علي النيل متحملين سخافتي وسكوتي وكثرة كلامي .. وصوتى الأجش في الغناء.. شكرا لأغاني غنيناها سويا.. شكرا لمركب شراعي في النيل وساعات من الصمت.. شكرا لفنجان من القهوة شربناه خلف لوح زجاجي تمنيتي وقتها أن تمطر الدنيا فوقه وتمنيت أنا ألا تفعل..

شكرا لكل من تحول إلي أذن عندما أردت، ولسان عندما أرتأيت، وعدماً عندما تمنيت، وصدرا عندما ضعفت، ومنديلا عندما بكيت..

شكرا لأكواب من الشاي وأحجار من المعسل علي الكورنيش والبورصة والتكعيبة ومقاهي أخرى.. شكرا لـwalt diesny on ice، وspectra، وchilis، وfuddrukers، وa lain le notre، وla gazeta وon the run أشياء أخرى.

شكرا لروايات وقصائد أهديت إلي علي سبيل الاستعارة.. شكرا لهدايا أجدها علي مكتبي.. وعلي غير مكتبي، شكرا لقطع من الشيكولاتة تنهمر صباحا ومساءا.. شكرا لبخور الياسمين..

معهم بحق تحس أنك ملك لا ينبغي حتى عليه أن يخشى التكاليف .. ولكل من نسيت شيء من أفعاله.. فلتسامحنا الآلهة.


اليكم اهدي هذه الأغنية التي تحمل في قلبي طابعا خاصا


الأربعاء، أكتوبر ٣١، ٢٠٠٧

بتنفس

كان الموت يبدو وكأنه قد أتخذ من هنا كهفا له .. يذهب صباحا ليمارس عمله وعندما يعود مرهقا أخر اليوم ربما يمد يده ويقبض بعضا من الراقدين هنا ليكمل العدد المطلوب.. كان بإمكاني أن أراه في كل ركن مهمل من المكان..


كل قطعة قطن تحمل بقعا من الدم.. في وجه أصفر من أثر العلاج، ووجه أصفر من أثر الحزن.. ووجه أصفر يتصنع الأسى..

بإمكاني أن أشمه في روائح الدواء.. والملاءات المتعرقة مرضا..

خرجت من هناك مقررا أني أفضل الموت المؤكد علي أمل العلاج في مكان مثل هذا يوما ما.. وعلي الرغم من معهد ناصر مشروعا عملاقا.. وعلي الرغم من وفاة جدتي في شقيقه المعهد القومي منذذ سنوات عديدة.. إلا أني خرجت من هناك عدوا.. أشعلت سيجارة وقلت

أنا بتنفس حرية.. لا تقطع عنى الهوا

الاثنين، أكتوبر ٢٩، ٢٠٠٧

لا تمنع عني الأمطار


اعتاد صديقي في حالات معينة أن يقول لى "كن لي كما أهوى.. امطر علي الدفء والحلوى".. والان وبعد مرور شهور والكثير من المشي والتفكير في هذه الجملة أقول له ، وللكثيرين ممن أعني لهم شيئا ويعنون لى الكثير من الأشياء

كن لي كما تهوى .. وامطر علي ما تشاء.. فقط لا تمنع عني الأمطار

السبت، أكتوبر ٢٧، ٢٠٠٧

من زمان

من 4 سنوات:

هي: أما انت يا هواري فعلي الرغم من الهزار والضحك ده فانت من وا حزين.. في عنيك حزن مش بتاع امبارح ولا اول . لأ من زمان اوى

انا: ههههههههههه

يناير الماضي:

هي :متزعلش

انا:أنا مبزعلش.. مبعرفش أزعل من حد.. أنا بس باتجرح

من يومين :

هي: طيب لما انا مبتصلش .. مش تصل انت

أنا: السؤال ده انا اللى اساله.. مش لما ابطل اتصل تتصلي انتي

الخميس، أكتوبر ١٨، ٢٠٠٧

ومصير الضي لوحده هيرجع

في الأول علشان اللى مش واخد باله يبقى فاهم هو في إيه، البوست قبل اللى فات تسنيم بعتت التعليق ده " تصدق يا أحمد هيا ضاقت من سنة وتلات شهور ومن يومها وأنا مستنياها تُفرج ومفيش أمل لدرجة إني بقول إنها مش ضاقت لأ دي خلاص اتسدت خالص.. ربنا يفرجها من عنده يا أحمد".

وأنا رديت عليها قلتلها "لو اتسدت خالص .. اكيد هيبقى في غيرها :) واكيد ربنا هيفرجها .. أكيد" ، فردت هي تاني وقالت " ولو احنا عايزينها هيا مش عايزين غيرها نعمل ايه يا أحمد؟؟"

وعلي الرغم من أن السؤال ده صعب أوى أى حد يجاوب عليه، وخصوصا أنا، إلا إن بجد السؤال خلاني وقفت قدامه.. وعلي الرغم من أنى كنت لسه قاعد معايا مين يومين وقلت هنبقى رجالة ونقف وقفة رجالة J إلا أن الجملة دى وقفتني وخلتني اقول يا تري هقدر المرة دى ولا هعمل زي كل مرة ..

المهم.. السكة مسدودة واحنا واقفين علي بابها وكل شوية نقول مش عايزين غيرها، مع أن ممكن أوى يكون في سكك تانية مفتوحة قدامنا والناس معلقة يفط ترحيب وفرشين الأرض ورد.. واحنا لسه واقفين هناك بنبكي علي باب السكك المقفلة يمكن تتفتح.. مع أن الواحد لو خد رجله واتمشي قدام شوية هيلاقي الميدان متفرعة منه سكك كثير مفتحة .. ينقى منها اللى هو عايزة..

بصي .. في حوار حلو اوي بسمعه في أفلام كثير، بس اخر مرة سمعته فيها وفاكرها كانت في فيلم اسمه the number 23 وهو

I had this uncle, his name was charlie. And, uh, one day, he read in his stars.. That he was gonna fall in love.. With a woman in red.. So he went out looking all day long And he found one.. Six months later, they were married.. Two years later, the woman in red divorces my uncle, Takes him for everything he's got.. He's out there right now At this very moment... Still looking for the woman in red. Figures he just got the wrong one.

يعني باختصار.. محدش يعرف اذا كانت السكك اللى اتقفلت ومش عايزة تتفتح كانت سكته من الأول ولا لأ.. كان من الصح يمشي فيها ولا لأ.. وايه يضمن له انها لو اتفتحت مش هتتقفل تاني؟..

بصي كده حواليكي وشوفي في كام حد بيقولك أنك تستحقي سكة أفضل، خصوصا أن أغلب اللى واقفين قدام سكك مقفلة مش هما اللى قافلينها، وانما هي مقفولة في وشهم، بينك وبين نفسك أنتى تستحقي إيه.. تستحقي أنك تفضلي قاعدة مستنية سكة تفتح ، وانتى في الغالب عارفة انها مش هتفتح ، علشان أكيد أنتى حاولتي قبل كده، ولا تستحقي أنك تمشي في سكة سالكة .. حتى لو هتمشيها لوحدك..

قارني بين كلام الناس اللى بتقولك أنك أفضل وبين الكلام اللى مخليكي تقولي انك لسه عايزاها هي ومش عايزة غيرها.. أكيد في ناس في اللى بتقولك أنك أفضل أنتى عارفة أنهم مبيقولوش كده علشان يجاملوكي.. وأكيد في أسباب في اللي مخلياكي متمسكة بالسكة المسدودة انتى عارفة بينك وبين نفسك أنها ممكن تتنسف.. بس تدوسي علي قلبك حبة..

الكلام ده ممكن تكوني عارفاه.. وكلنا عارفينه.. بس الصعب أنك تنفيذه.. أنك تتأكدي أنك تستحقي الأفضل وتتصرفي علي الأساس ده، تقومي تتمشي ، مش شرط تدوري علي سكة تانية.. بس علي الأقل تبقي بتتمشي وأكيد رجليكي هتوديكي لوحدها في سكة تانية .. ممكن تكون هي السكة اللى أنتي كنتى بتدوري عليها من الأول..

هذه هي المعادلة .. أنت تعرف أن الجلوس علي باب الطريق المسدود غير مجدي ولكنك لا تستطيع القيام والمشي.. حتى لو كنت ستمشي وحيدا..


والوحيد اللى هي هيساعدك في ده هو انتى.. انك تقدري تاخدى القرار أنك تمشي.. انتى الوحيدة اللى هتقدري تقومي نفسك .. بس يبقى عندك شجاعة القرار والصبر علي تنفيذه.. اه هتتعبي .. اه هتنتكسي كل فترة .. بس لو القرار جواكي هتقومي تاني وهتبقي زي الفل ..

جربي كده.. سيبي السكة المقفولة ورا ضهرك وقومى اتمشي شوية .. واسمعي الأغنية اللى شغالة لوجيه عزيز.. وابقى قوليلي رايك..

وان مقدرتش تضحك متدمعش ولا تبكيش وان مفضلش معاك غير قلبك مش هتموت هتعيش.. وان سألوك الناس عن ضي جوا عيونك مبيلمعش متخبيش قولهم العيب مش فيا ده العيب في الضي.. وأنا مش عاشق ضلمة ولا زعلت الضي.. صير الضي لوحده هيلمع ومصير الضحك لوحده هيطلع مبيجرحش ولا يأذيش"..

الثلاثاء، أكتوبر ١٦، ٢٠٠٧

ما اتفقنا عليه بالأمس

عندما أفاق من غفوته بدت له تلك النائمة إلي جواره بشعرها الأسود المنثور علي الوسادة كشراع سفينة قرصان متجها نحو المجهول تلفه غمائم بيضاء تميز السماء في فجر أيلول، فلم يستطيع أن يتمالك يده من أن تمتد لتلامس وجنتها ثم تمر علي شعرها مسترقا لحظات لن تشعر هي بها..

قام من فراشه متأنيا كيلا يصدر السرير الفيرفورجيه صوتا يتسبب في إيقاظها ، أو أن يسحب معه الغطاء فيعرض جلدها العاري للفحة هواء قد تضرها، وشرع في ارتداء ملابسه مصطحبا علبة سجائره إلي الفوتيه الموضوع في مواجهة السرير متيحا لنفسه فرصة حفظ كل ملامحها..

لا يدري كم ظل جالسا لا يتحرك سوى رافعا يده أو خافضها من اثر السيجارة، إلا انه ظل هكذا لساعات ملأت الغرفة دخانا وصمتا لم يقطعه سوى رنين المنبه في ميعاد استيقاظه.. والذي تعد الفائدة الوحيدة منه هي تذكيره بأنه لم ينم بعد وان أزف الرحيل، أغلق المنبه سريعا قبل أن يوقظها وتوجه إلي المطبخ كى يعد إفطارا من فنجانين من القهوة مصحوبا بكوب عصير..

أيقظها برفق ليخبرها أن ميعاد ذهابه إلي العمل قد حان، وأصر علي أن تشرب كوب العصير قبل القهوة بينما عاد هو إلي الفوتيه ليتناول قهوته مكملا وصلة التدخين مراقبا إياها وهى ترتدي ملابسها وتضع مكياج يوم جديد..

اقترب منها بعدما أخبرته أنها مستعدة للنزول.. أخرج مبلغا من المال ليضعه في حقيبتها قائلا لها "هذا هو المبلغ الذي اتفقنا عليه بالأمس".. ترتبك وتبدأ في طقطقة مفاصل أصابعها بعصبية قائلة "بس أنت.. يعني.. معملتش حاجة".. يبتسم لها ثم يقبل جبينها قائلا .. أنا مكنتش عايز أعمل حاجة، انتى اللى عملتي، أنا بس كنت محتاج حد ياخدنى في حضنه لحد ما أنام.


الأربعاء، أكتوبر ١٠، ٢٠٠٧

وكنت اظنها ستفرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها لم تفرج.. وكنت اظنها ستفرج


----------------
أسف يا جماعة مبردش علي التعليقات علشان مش قادر بس شوية

الثلاثاء، أكتوبر ٠٢، ٢٠٠٧

افرجوا عن محمد الدريني







في الحقيقة أي كلام مش هيطلع الغل والكره اللى جوايا اللى فاروا في دمى اول لما عرفت من احمد أنهم اعتقلوا والده محمد الدريني ودخلت كتبت كلام قبيح كثير بعدين مسحته مش عارف ليه .. يمكن علشان صايم .. يمكن علشان ميستاهلوش اخد عليهم ذنوب .. يمكن علشان انا مش متعود اكتب بقباحة وقلة ادب .. يمكن حاجات كثير ..

المهم محمد الدريني علي الرغم من أنى معرفوش شخصيا ولا هو عمره شافنى قبل كده .. إلا أنى يوم الأحد اللى قبل اللى فات لما اختى عملت حادثة واتنقلت المستشفي .. وهي في أوضة العمليات لقيت أحمد جايبلي التليفون بيقولى خد بابا عايز يسلم عليك.. دى كانت لمحة عن الراجل اللى اعتقوله

اللى عايز يتابع الأخبار ويتضامن معاه يدخل هنا.. وكمان في جروب علي الفيس بوك اسمه الحرية لمحمد الدريني

الأربعاء، سبتمبر ٢٦، ٢٠٠٧

عملوها الوحوش

عدت هنا لكي أشكر اثنين من أعز الناس إلي قلبي علي لحظات من السعادة والفرحة الغامرة التي أعطوني إياها علي مدار فترة وجودهم في حياتي.. وأعطوني منها جرعة مكثفة في الأيام القليلة الماضية .. منذ أخبروني بأنهم فعلوها..
وازاء هذا الخبر السعيد لم امتلك الا أن اعود إلي هنا وأشكرهما علي ما فات، وأخبرهم أنى مازالت أنتظر الكثير منهما
:)

وعلي الرغم من أني كنت متخذا القرار بنشر هذا الكلام يوم الأحد بانتهاء مراسم الاحتفال بخطوبتهما بتوقيتي الخاص، لآنها انتهت فعليا يوم الجمعة ، إلا أن شيئا ما حدث أخرني قليلا .. أو كثيرا
:) لكي تقدر الفرحة التة غمرتني في هذا اليوم والأيام التي قبله، والأيام التى تليه لابد أن تعرف عمن أتحدث.. ولكن ستواجهني مشكلة، فأنا لا أجيد الحديث عن الأشخاص، ربما لاجادتي النقد عن الشكر.. لذلك قد يكون من الملاءم أن أحكى موقفا مر بي لكل منهما.. ولأن السيدات أولا.. ولسبب أخر في نفسي سابدأ بداليا

داليا لم تكن علاقتي بها تتعدي أن اعطيها ظهري لو تصادف مرورنا في الممر الضيق من والى البوفيه - مثلها مثل اى حد اخر في الشركة - إلي أن جاءت رحلة الدريم بارك التى غيرت معالم علاقاتي في الشركة.. لنعود منها رفاق كفاح النسكافبه والكابتشينو والصداع الدائم والبنادول الاكسترا.. اهم ميزة في دالبا أنها معاها عربية دايو نوبيرا.. والأهم أن العربية دايما ماليانة بخيرات الله من الهولز الفراولة أو التوت مع اللبنان الترايدنت وقليل من التوفي والشيكولاتة :)

لأ بجد .. دالبا انسانة اكثر من رائعة والموقف اللى مش هنساه لداليا انى مرة رحت الشغل بدري علي غير العادة ومع مج النسكافيه الصباحى جت داليا من مكتبها وقعدنا المفروض نرغي شوية.. وانا كنت مخنوق يومها يزيادة .. شوية وبدأت عيني تدمع ..وبكل قلة ذوق قمت سايبها بتتكلم ومادد ايدي علي المكتب واخد علبة السجاير والولاعة ومن غير ولا كلمة وهى بتتكلم خرجت بره علشان اشرب سيجارة .. وكانت المفاجأة انى رجعت لقيت داليا قاعدة مكانها ومخرجتش من المكتب الا لما اطمنت انى شربت السيجارة وهديت شوية ورجعت تاني .. وولا قالتلي بأه مالك ولا بتعيط ليه ولا الكلام ده .. قعدت شوية لحد ما اطمنت انى بقيت احسن شوية وخرجت..


داليا.. اتمنى انك تتجوزي احمد وربنا يهنيكو ببعض وتعيشوا في سعادة دائمة

داليا .. اتمنى ان صداقتي بيكي انتى واحمد تتواصل بالدرجة اللى تسمحلي انى اجى في يوم اقولك خلاص .. انا فهمت ابنك او بنتك كان مضايق من ايه والحوار خلص

أما عن أحمد رفعت فمش هتكلم عن العربية اللانسر والموبايل البزنس والفيزا اللى كلهم تحت امر اى حد
:) دلوقتى اقدر اقولك انا خليتك بعد داليا ليه.. علشان للأسف مش هينفع اقول علي اى موقف من المواقف اللى انت عملتها معايا لأنى بكده هظلم باقي المواقف.. بس انا هقولك انك الوحيد اللى نجح في انه يخلني اشكر الأرق وعدم النوم عشان اجمل حاجة في الدنيا انا شفتها لو كنت نايم مكنتش شفتها

ده غير ان يوم الأحد .. بكل بساطة لقيتني بدخل عليك المكتب بقولك علي اللى حصل .. وكنت متأكد انك هتسيب كل الناس اللى جاية تباركلك وتنزل معايا تشوف المصيبة دى.. وكنت مطمن اوى وانت معايا .. احساس كده ان كل حاجة هتتحل..

احمد.. ألف مبروك الخطوبة .. ومليون مبروك انها داليا .. وخلي بالك منها


احمد.. اتمنى ان تدوم صداقتنا بالقدر الذي يسمح لي بأن ارى وجهك وانا علي فراش الموت

الاثنين، أغسطس ٢٧، ٢٠٠٧

.......


في البداية أعتذر عن عدم الرد علي التعليقات في التدوينة السابقة وبعض التعليقات في التي قبلها لأسباب كثيرة منها أنى الرد علي بعض التعليقات يحتاج إلي الكثير والكثير من الحديث وأنا هذه الأيام فاقد القدرة علي الثرثرة..

أصدقائي – واسمحوا لى أن أدعوكم هكذا – هذه التعليقات جعلتني أعيد التفكير من جديد في أشياء كثيرة ولهذا كان لابد من الرد علي بعضها وشكر أصاحبها..

جملة واحدة في تعليق تسنيم جعلني أجلس مع نفسي منذ أن قرأتها "راجع نفسك مرة أخرى فربما أنت من تسببت لنفسك بهذا الجرح و أنك أنت من دفعت الأخرين ليتركوك ويتسببون لك في هذا الجرح.." جلست مع نفسي وراقبت سلوكي في الأيام الماضية.. وجدت أنى أخطات كثيرا وكثيرا ربما بقصد وربما بدون.. ولكن يبقى في النهاية الخطأ

فقد صدقت يا صديقتي أنا من تسبب في هذا الجرح .. كان هناك شخصا أسكنني الجنة فأسكنته النار.. تحملني في وقت كنت أضيع خلاله ولم اتحمله.. ولهذا كانت النتيجة منطقية.. اتخذ قرارا ام اقدر أنا علي أن أتخذه فتحمل عبء الفراق وعبء القرار.. بينما انطلقت انا احكىفي التدوينات والتعليقات عن مرارة الفراق فضل هو السكوت احتراما لما كان..

اكتشفت انى ربما اكذب، وأتصنع المرض والوجع لأحظى بالعطف.. في استمرارية لأخطاء ارتكبها من قبل أن أعرفه وربما أدت به لاتخاذ هذا القرار.. والكلام في هذه الناحية قد يأخذ منى الكثير ولكن الاستطراد في الكلام قد يدفعني لمحاولة أيجاد مبررات تبدو في النهاية غير منطقية ولا تفعل غير استدرار العطف.. ولكن النتيجة النهائية هى كما قلتي "راجع نفسك مرة أخرى فربما أنت من تسببت لنفسك بهذا الجرح و أنك أنت من دفعت الأخرين ليتركوك ويتسببون لك في هذا الجرح.."

شكرا لك..

---------------------------

Linda

من المهم ألا تأسفي .. فأنت الوحيدة التى أرتأت من تلك الجملة الهدف منها، هذه الجملة تحديدا وضعت لكي يعرف الجميع انى لست الانسان الجيد الذي يستحق العطف.. هذه الجملة يا صديقتي أنصع نقطة سوداء في ملفي.. والباقي لا حاجة لنا بسرده..

تحياتي

-----------------

Nada

في تعليق سابق لك قلتي أنى لابد وانى كنت غاضب وقلت لكي يوما سأعرف كيف علمتين .. ربما لن أعرف .. ولكنك في هذه المرة أيضا اصبتى جزءا كبيرا من كبد الحقيقة "

الوصول الى التفكير في الانتحار و الاقتناع به ليس وليد مشكلة او احباط حالي هو تراكم يعني المعالجة لن تأتي بسعادة انية بل بالوقوف على المسببات منذ الطفولة.."

صادقة مائة بالمائة .. ربما لهذا السبب بدات في البحث عن طبيب نفسي يواءم ميزانيتي المادية..

ولكى منى كل التحية..

-----------------------

والباقون أشكرهم بشدة .. ولنتيجة لهذة الجلسة مع النفس والتى صارحتني فيها بالكثير من الحقائق سأتوقف قليلا عن الكتابة والتعليق.. ريثما أستطيع أن أكتب بحياد وبدون تجريح .. وفي هذه الأثناء ربما نكتب عن أشياء سعيدة عندما نجدها

تحياتي للجميع..

الأربعاء، أغسطس ٢٢، ٢٠٠٧

وكان هو الوحيد



"وكان هو الوحيد.." كان عنوانا لشيء مر في خاطري من وحي الشيطان وأردت أن أكتبه.. وعندما جئت لأبدأ بقي الشيطان وهرب الوحي.. ففي قبري لا يوجد سوى أنا والشيطان.. ينخر في قلبي بشوكته فيلقي القلب المريض بالدم خارجه مثلما تفعل معدتي ورئتي وأسعى أنا وراء حقن البوروفين التي يستمر مفعولها لست ساعات فقط بعدما توقفت حبوب المسكنات عن أداء وظائفها..

يهترئ جسدي يوما بعد يوم.. تلمح ذلك في العرق الذي يقسم جبهتي بالطول والذي كان يظهر في أوقات محدودة ولكنه موجود الان طوال الوقت.. في ارتعاشه يدي من قبل أن أشد أعصابها.. فلم يعد بها أعصاب.. تلمحه في تقيء المستمر.. في تراجع قدرتي علي التدخين.. حتي السيجارة باتت عصية علي صدري الذي يأن من الألم ليل نهار..

أتمنى لو كان بامكاني فقط أن استخدم ذلك الموس الموضوع في غرفتي وأمرره علي يدي .. أن أنتزع شريان يدي بأسناني وأقطع فيه حتى يتوقف ذلك القلب المريض.. ولكنى ما زالت أخشي مقابلة الله منتحرا.. ألا يكفي أني لا أصلى..

هل أحسست من قبل أن وجودك في هذه الحياة من الأصل لم يكن ذو معني.. وانك لا تعني شيء.. لو فعلت فقد تعرفني..

هل أحسست أنك لم تكن تساوي شيئا لشخص.. ولن تساوي.. انك لم يبك علي فقدك شخص .. ولن يفعل لأحد .. لو فعلت فمن الممكن أن تكون صديقي..

هل أحسست وأحسست وأحسست.. هل أحسست مثلي الآن أنك تكره دموعك التي يراها زملاءك في العمل والناس في الشارع.. هل أحسست انك تكره نفسك واليوم الذي ولدت فيه.. ويوم أن أحسست انك أحد بعد أن أصبحت مرة أخرى لا أحد..

أريد أن اقتلع قلبي من صدري لأتشفى فيه .. لأريه غضب أسناني.. بينما يمر بذهني سؤال لماذا الانتحار حرام.. وهل تفرق أن أموت منتحرا عن موتي في سريري وأيضا أدخل النار..

اللوحة لـ Morteza Katouzian

الأحد، أغسطس ١٩، ٢٠٠٧

الموتي أيضا يحلمون

كانت تجلس أمامه .. يفصلهما جدار.. فقال لها ليلة البارحة حلمت مرتين.. وراودني كابوسين.. وقمت مرتين لأشرب الماء البارد لعله يطفيء النيران المحيطة بي.. وأشعلت ثمان لفافات تبغ من نفس النار..

كنت أمامي ومعي وداخلي.. عدنا مرة أخرى.. تجاوزنا كل ما فات.. فعلنا كل ما كنا نفعل .. وما لم نفعل.. توقفنا عن كنا وكان وأصبحنا نكون مرة أخرى..

استمرت في جلوسها صامتة ترتب بعض الزهور فصرخ بقوله نعم حلمت بك .. فلماذا تتجاوزيني بنظرك وكأني غير موجود.. عندما تفعلين ذلك تنزل علي رأسي تلك المطرقة التي تخسفني حتى الأرض السابعة فأتذكر صوتك وانت تصرخين "اللى راح مفيش حاجة هترجعه تاني".. فتنتزعني تلك المخالب الحديدية لأظهر أمام المطرقة مرة أخرى.

تستمر في التجاهل فيلتف ثعبان حول جسده ضاغطا علي قلبه الذي توقف عن العمل ولكنه مازال يؤلمه .. يتألم أكثر فيغني لها "أنا قلبي برج حمام .. هج الحمام منه" فلا يهتز لها جفن وتضمي في تنسيق زهورها فيضيق به المكان حتى تتحطم أضلعه من تداخلها..

تشعر بالتعب وتبدأ في الاستعداد للرحيل.. فيقول لها لو كان بإمكانك فلا تأتيني مرة أخرى بزهور بيضاء.. من فضلك أحضري زهرة زرقاء وأخري سوداء فهو يا سيدتي لونا كأيامي حزين..

يلمح سخرية هذا الملتف بأبيض إلي جواره .. الراقد في نعيم ويخبره أنها لا تستطيع أن تسمعه .. هو فقط يستطيع أما هي فلا.. يلتفت إليه حانقا.. فهو يكره الثرثرة .. ربما لهذا السبب أوصى أمه أن تدفنه في لحد بدلا من تلك الغرف المشتركة.. يشكك الأبيض في روايته.. يلتفت لها ثم يقول له .. أنت لا تدري شيئا.. فالموتي أيضا يحلمون

بالأخضر.. قلبي برج حمام.. منير

بالأزرق.. أطواق الياسمين.. نزار

الجمعة، أغسطس ١٧، ٢٠٠٧

موسم الهجرة إلي الجنوب

تحديث
يبدو أن الجنوب يرفض هجرة اﻷموات إليه.. علي كل من يطلب من احد أن يحب ويرحب بميت..

المهم انا في القاهرة بالسﻻمة .. واللى كان عينه علي تمساح كبير أو قرد صغير يصرف نظر
:)

بينما يتجه الان الجميع نحو الشمال.. اصر انا علي مخالفة الأحياء والاتجاه جنوبا

اليوم عصرا في العمل وعلي فجأة عرض علي سفرية خاطفة للخرطوم - دارفور - الخرطوم.. وقبلت علي الفور كعادتي في الأيام الأخيرة في الاقبال علي كل ما يبعدني عن القاهرة علي الرغم من أن ذكرياتها لا تفتأ تطارني..

أدعولي اخد تصريح السفر بكرة فالسفر مساء السبت

الثلاثاء، أغسطس ١٤، ٢٠٠٧

خبرني

قال لي : أني أرى في كلامك نور الله.. فقد خبرني أحد المستشرقين أن الله كلما أغلق باب فتح شباكا..

وعلي الرغم من أني لا أفهم كيف يحدثني قديس بكلام المستشرقين إلا أني قلت له .. حسنا لو رأيت هذا المستشرق مرة أخرى فأخبره أن الله كلما أغلق شباكا فتح بابا

الأحد، أغسطس ١٢، ٢٠٠٧

صباح برائحة الياسمين

في البداية كنت أنوي أن استكمل كتابة عن أشياء حدثت في الإسماعيلية ولكن القدر كان يخبيء ترتيبات اخرى لهذا الصباح.. ترتيبات جديدة علي الكآبة التي تعلو هامتي وتتبعني أينما ذهبت .. فاليوم منحني القدر صباحا سعيدا علي غير المتوقع

أصحو من النوم فزعا بعد غفوة صغيرة لا أدري كم مر من الوقت كنت مستيقظا قبلها، يوم.. شهر سنة ألف عام.. ربما ألفين.. تبدو أختي قريبة مني لكى تطمأنني بعد الفزعة التقليدية كلما أصحوت من النوم- هل يكون هذا السبب في عدم نومي- وعلي الرغم من هذا أبدو نشطا علي غير العادة.. فبرغم كل شيء فإن نهارا من العمل في أول الأسبوع يبدو شيئا جيدا بعد قضاء يومين كاملين في نفس الغرفة منعدمة الإضاءة المغيمة بدخان السجائر.

تقف بجانبي حتي ألملم حاجياتي في حقيبة اللابتوب، تناولني كريم الشعر وزجاجة العطر قبل أن أنسى وأنزل "منعكش".. أسالها عن مكان موبايلي الجديد – الذي اشترته لي- فتعطيني إياه، اسألها عن مكان السماعة فتعطيني إياها، اتأكد من وجود كل شيء في مكانه السجائر والولاعة أولوية قصوى.. النقود.. المحفظة.. يبدو كل شيء موجودا ولكني أحمل دائما ذلك الشعور بأني نسيت شيئا لآني دائم النسيان.

انزل إلي الشارع في طريقي إلي العمل، اشغل الراديو – لأني نسيت الام بي ثري عند أحد الأصدقاء- الموجود في الموبايل علي محطة نجوم اف ام التي لم أستمع إليها منذ كثير، يبدو الجو لطيفا اليوم في الثامنة صباحا، يبدء البرنامج الصباحي بدعاء من الشيخ الشعراوي الذي أفتقد صوته منذ فترة طويلة - ربما منذ ملايين السنين- وأخر بصوت هشام عباس، يبدو الصباح أجمل يغريني باشعال سيجارة علي الرغم من الوعد الذي قطعته علي نفسي بالأمس بعدم شرب سيجارة علي الريق عندما أكتشفت أني لا صدري لم يعد قادرا علي انهاء السيجارة إلي أخرها ، وانه لم يعد قادرا سوى علي تدخين أربعين سيجارة يوميا .. وان رفع ذراعي الأيمن يسبب لى آلاما في صدري.

ارمي كل هذا وراء ظهري وأشعل السيجارة فالصباح أجمل من هذا بكثير ، أتجه إلي المترو مستمتعا بالخلفية الصوتية في أذني عن الحالة المرورية والطقس اليوم، أقف في الطابور لأقطع تذكرة، ولأول مرة أتسامح مع هذا الذي يقطع التذكرة من خارج الطابور فالصباح يزداد جمالا، أدلف إلي العربة متجاهلا الكرسي المقابل لتلك الجميلة المستعدة لإعطائك ساعة من الجمال بالنظر إلي جمالها، فالصباح رائع بالفعل ولندخرها ليوم أخر-.

يزداد رونق الصباح جمالا مع انسياب أغنية "كان في فراشة منقطة" إلي أذني، أضع الحقيبة علي ساقي صانعا منها منضدة بدائية وأخرج منها "الحب في المنفي" لبهاء طاهر والقلم وورقة ممارسا هوايتي في كتابة الجمل التي تلمسني أكثر من غيرها في الرواية في محاولة للتغلب علي ذاكرتي الضعيفة، وعلي الرغم من أني أعرف أن مصير هذه الورقة سيكون النسيان في مكان إلا أني اتجاهل هذا.. الصباح جميل حقا..

أستكمل قراءتي مستمتعا بكل حرف في الرواية، متجاهلا نظرات الاستعجاب المصحوبة بهمهمات من حولي عن شباب اليومين دول اللي مبيشيلش السماعة من ودنه وكمان رايق علي الصبح وشكله بيذاكر، بينما تنساب الألحان في أذني بدون تمييز للكلمات حتى أصل إلي محطتي.

مع خروجي ترتطم بأنفي رائحة الخبز الطازج من كيس بلاستيكي يحمله أحد المجندين فثير في نفسي رغبة في الإفطار تتلاشى مع تلاشي الرائحة بابتعاد المجند، أشعل سيجارة مستمعا لنفس المحطة تدوي أغنية "قد الحب بحبك" في أذني مع وصولي لمكان العمل فاتلكأ في الصعود متعللا بإنهاء السيجارة خوفا من انقطاع الإرسال في المصعد.

أدفع باب الشركة ليفاجئني عم أباصيري في المدخل بضحكته الجميلة قائلا "خير وشك بيضحك النهاردة"، أسلم عليه ثم أدلف إلي البوفيه من اجل زجاجة الماء، يصر عم صابر علي إعداد مج النسكافيه بدلا من القهوة منذ أن لاحظ انى توقفت عن الإفطار مع وعد بالقهوة بعد الانتهاء من النسكافيه والسيجارة.

أجلس إلي مكتبي أشعل عودا من البخور برائحة الياسمين، مشغلا فيروز مستمعا لبنت الشلبية واكتب عن هذا الصباح مستنشقا رائحة الياسمين.. فالصباح كان أجمل ما يكون.

الخميس، أغسطس ٠٩، ٢٠٠٧

أركب فلوكة انا وحبايبي

"الحكومة مش سايبة حد في حاله في أي حته يا باشا"..

هكذا قال صاحب "فرشة الشاي" علي كورنيش شارع البلاجات في الإسماعيلية، بعد قليل من ركوبنا معه "الفلوكة" الخاصة به.

في الإسماعيلية لا تستطيع أن تقاوم رغبتك في أكل المانجو والاستماع إلي السمسمية – التي قاربت علي الانقراض- وكذلك ركوب "الفلوكة"..

علي الكورنيش وجدت شابا أسمرا أكثر من المعتاد لأهل الإسماعيلية، يبيع الشاي وبعض المشروبات الساخنة مستخدما "وابور الجاز" وسور الكورنيش كطاولة.. قلت له أننا نريد أن نركب فلوكة ولا نعرف من أين، كانت الإجابة السريعة أنه يستطيع أن يقوم بهذه المهمة.

بعد الاتفاق السريع علي السعر، أحضر الفلوكة وكنا في الماء، أخبرته أننا نريد أن نعبر من تحت الكوبري، فأخبرنا أنه لا يقدر فـ"الحكومة مبترحمش حد.. ده غير البهدلة".. وانطلق في الحديث عن منع الصيادين من الدخول إلي الشاطئ إلي الحد الذي تسحب فيه رخص بعضهم!

سألته عن اسمه فقال "محمد المظلوم".. وعندما سألته عن المظلوم وهل هو لقب العائلة أم لقب شخصي، قال لي أنه لقب حصل عليه من الأصدقاء والجيران بعد أن حكم عليه في قضية "كيف" لمدة خمس سنوات وكان الجميع يعلم أنه مظلوم.. ومنذ أن خرج من السجن والكل يناديه بالمظلوم حتى أصبح لقبا ملازما له.

هاجر محمد مع والده من ساقية مكي بمحافظة الجيزة إلي الإسماعيلية منذ 30 عاما، واتخذ من الكورنيش بابا للرزق خاصة في الليل.. يقول المظلوم أن فرشة الشاي لم تكن هكذا.. كانت أكبر وأنظف مما ساعده علي "تربية زبون" .. فبعض المصطافين يأتون إليه بمجرد وصلهم إلي الإسماعيلية.. لكن الآن "الحال لا يسر عدو ولا حبيب".

محمد يعمل علي نصبة الشاي نهارا، ويؤجر الفلوكة وقت المغربية ويصطاد بها ليلا..

عن زبائنه يخبرنا أن بعضهم خاصة من الشباب يأتون إليه ويؤجرون الفلوكة ويجدفون في المياه "علشان يتكيفوا" – يشربوا مخدرات – بعيدا عن الشاطئ وأعين الأمن، ثم يعودون ليكملوا الليلة مع أصدقاءهم حتى الصباح علي الكورنيش، أما "الكيف" فيأتي من مكان في نهاية طريق البلاجات وقبل طريق القناة، لكنه يقول أنه لا ينصح غريبا بأن يدخل هناك وحده "علشان المنطقة خطرة".

وهناك أيضا العشاق وهم يفضلون إما أن يؤجروا الفلوكة وحدهم ومن لا يجيد منهم التجديف يكتفي باصطحاب أحد الصغار من أولاد المراكبية حتى ينعموا بالهدوء "وعلشان يبقوا براحتهم".

ويستمر قائلا أن من زبائنه "شاب جنتل من مصر بس شغال في شرم الشيخ ومتجوز واحدة من بره.. كل ما ييجي إسماعيلية يعدي عليا ويأجر فلوكة وياخدها معاه".

وعندها قطع حديثنا وصولنا إلي الشاطئ بعد انتهاء الوقت.. أسلم عليه وأعدا بزيارته مرة أخرى، فيقول بكل ثقة "ان شاء الله لما تيجي المرة اللي جاية هتشوف الفرش بتاعي علي أصوله".

الخميس، أغسطس ٠٢، ٢٠٠٧

يا اسماعيلية يا اسماعيلية



أدلف إلي المكتب مبكرا علي غير عادتي ، قبل وصول أيا من العاملين أوقع حضور قبل موعدي بساعة كاملة .. افتح الماسينجر الذي أغلقته من ساعة في المنزل، يتجه الماوس نحو فولدر الأغاني ليدوي في أذنى صوت داليدا المحبب إلي نفسي تغني حلوة يا بلدي.. كلمة حلوةوكلمتين حلوة يا بلدي غنوة حلوة وغنوتين حلوة يا بلدي .. بينما أرتشف من مج النسكافيه اليومي الذي لا يمكن أن تشربه افضل من ذلك من يد عم صابر..

انظر في الماسينجر ولا أري احد- هل فعلا لا يوجد- تغير داليدا الأغنية إلي أحسن ناس وكم احب تلك الأغنية ولكن ذلك الاحساس المقبض الذي يطبق علي قلبي منذ الأمس لا يفارقني .. هل بدأ قبل دخولي المنزل ام مع ترتيبي لحقيبة السفر متوجها بعد ساعات قليلة في رحلة عمل لأيام قليلة في الاسماعيلية..

شعور مقيت يسيطر غلي قلبي تجاه تلك الرحلة ، علي الرغم من أني أحب السفر إلا أني فعلا قلبي مرهق من1 الأمس.. لاأدري ماذا من الممكن ان يحدث فالأشياء السيئة دائما تحدث ولم ينقبض قلبي يوما، والأسوء أنتظره انا بفارغ الصبر.

تصل دليلدا والنيل بيضحك ويغني فاكرني وبيسأل عني.. أروحله ألاقيه مستني.. فأتذكر أني لم أتحدث إلي النيل منذ أيام وأنه وحشني.. ترى هل أستطيع أن أراه قبل أن أسافر.. تلح علي تلك الرغبة متوازية مع انقباض قلبي فتزيد الحلق غصة غير مبررة..
فهل يخيب أملي وتمر الأيام بخبر.. ام تلغي الرحلة في اللحظات الأخيرة

الاثنين، يوليو ٣٠، ٢٠٠٧

السادسة والنصف

أجلس في ذلك المقهي الأنيق الذي صرت أعشق الجلوس فيه بجوار الواجهة الزجاجية، أسأل السماء أن تمطر حتى يزيد استمتاعي بالمنظر، فيمر بذهنى تساؤل أخر.. متى عرفت أن السماء لا تعير سؤالي انتباها..

أجلس علي المقهى وحيدا تدق أمامي الساعة السادسة والنصف، متى أدركت أن هذا التوقيت أصبح يصيبني بغصة في الحلق.. ومتى أدركت أنه توقف عن ذلك.. تساؤلات أخرى..

أنظر إلي الساقي واسأله عن اسطوانة فيروز التي أعرف أنهم يضعونها هنا في مكان ما، تحلق فيروز حولي بصوتها بحيث يهيئ لي أني أري "الناي" ع "التلة القريبة".. يأتيني الشاي الكلاسيكي الذي لا أتناول غيره هنا بعد أن علمت أنهم لا يقدمون القهوة التركية .. فقط الاكسبريسو

لماذا لا أحب الاكسبريسو هل لأنه يذكرني بأننا في عصر السرعة.. الحب السريع والقذف السريع.. وأنا، مثل الكثير من أهل الجنوب، بطيء.. حتى أنى أتكلم ببطء..

أخرج من المقهي لأمارس هوايتي في المشي يمر الطريق في رأسي مليئا بالذكريات.. كيف كنت وكيف أصبحت.. المزيد من التساؤلات المطرودة من ذهنى يقطعها اهتزاز الكوبري.. صوت بائع الورد..

أصوات غير متناغمة للعديد من الشباب الخليجي الذي لا يحترم قانونا غير قانون المتعة.. لو كان هناك واحدا يحمل هذا الاسم- لايحترمون كبيرا ولا صغيرا.. وكان أكثر ما يضايقني أني مثل الكثير من مواليد شهر مارس.. أعشق الهدوء.

أغادر هذا كله متجها إلي البيت حيث تعودت أن أجلس، لا حزينا لا سعيدا.. لا أنا، أو لا أحد.. أمر من الباب لأري غريبا في المرآة لا أعرفه ولكنه يبدوا أنه يعرفني.. أحييه بيميني فيرد علي بيسراه.. أظن أني هو وأني قد أعرفني.. ولكني، مثل الكثيرون من جيلي، لا أعرف من أنا.

ألقي تحية المساء علي الجالسة بانتظاري.. أمي التي توقفت عن البكاء منذ أن قلت لها أني أريد أن أكل – في بعض الأحيان كانت تبكي الأمهات لآن الطفل يريد الطعام- تحضر لي الطعام وتغير منفضة السجائر مع كوب من الشاي بالنعناع.. تجلس قليلا بجواري وتنصرف.. أغمغم بالشكر.. فأنا، مثل أغلب الأبناء، لن أوفي أمي حقها.

أجلس في غرفتي المظلمة بين جهاز الكمبيوتر والتليفزيون الذي لا أغلقه طوال الليل علي الرغم من أني أعرف أنى لا أحب هذا الاختراع، أجلس مع لفافة تبغي ، تلك الوحيدة التي لن تفارقني يوما- إلا إذا ما لم أمتلك المال يوما لشرائها – انظر إلي الروايات المبعثرة حولي ومنها ثلاث يحملون إهداء .. يمر تساؤل جديد برأسي المرهق بعد منصف الليل بكثير .. هل أريد رواية أخري بإهداء أخر؟ ابتسم ساخرا وأقول أن هذا يتوقف علي نوع الإهداء، لأنهي النقاش بينما أنظر إلي هاتفي القابع بالقرب مني ينتظر مكالمة يعرف أنها لن تأتي، فانا – مثل الكثيرون- أهوى انتظار المكالمات.

يمضي الوقت بين القراءة والمشاهدة.. واستنشاق رائحة التبغ المنتشرة في الغرفة- التي أرفض أن تفتح نافذتها صباحا حتى تدخلها الشمس ويتغير هواءها- في الأوقات المستقطعة بين كل نفس وآخر من لفافتي.. أنظر إلي الساعة لآجدها تعلن السادسة والنصف فأتساءل لماذا أنا بكامل ثيابي علي الرغم من أن ميعاد استيقاظي يحين بعد نصف ساعة وأنا أعرف أني، مثل أهل الجنوب، لا أحب الاستيقاظ باكرا.

---------------------
الكلمات بألأحمر لمحمود درويش
اللوحة لـ Fabian Giclees

الجمعة، يوليو ٢٠، ٢٠٠٧

البائع الصغير




(1)

كان والده بائعا بسيطا في السوق المجاور للمنزل، يتجه ظهرا إلي السوق يفرش بضاعته المكونة من الأعشاب الطبية والبخور والشرائط الدينية وزيوت الشعر، وذات مرة أضاف لبضاعته بودرة "تلك"، وكان هو – التلميذ في الصف الثالث الابتدائي- يمر علي والده بعد انتهاء فترة الدوام المدرسي ليعود والده إلي المنزل ويبقي هو ليحل مكانه بائعا صغيرا..

في ذلك اليوم في المدرسة أعلنت أستاذة الفصل عن قيام الرحلة المقدسة لأطفال المدرسة .. رحلة إلي مصنع "بم بم" للحلويات وكذلك الحديقة الدولية مقابل أربعة جنيهات فقط.. وما أدراك ما كانت تلك الرحلة لهؤلاء الأطفال.. إنها الجنة، مصنع كامل من الحلويات يفتح أبوابه لهم، يمرون علي خطوط الإنتاج يحمل كل منهم كيس بلاستيكي أختلسه مساء من درج المطبخ فتضع فيه العاملات ما يجدن به على الأطفال، بالإضافة إلي "كشكول سلك" مرسوم عليه طفل أبيض ملفوف في ملابس بيضاء علي خلفية بيضاء ويزينه في الجانب العلوي شعار "بم بم".. يصبح أحد ممتلكات الطفل السحرية، بينما يمضي أياما يأكل بشراهة من كيس الحلوى المخبأ تحت المخدة محاولا إنهائه في أقصر وقت ممكن حتى لا تتكرر الغارات المتكررة علي الكيس من جانب الإخوة والأصدقاء.

بعد أن أنهى المدرسة توجه مسرعا إلي والده عارضا عليه الأمر قبل أن يبدأ الأب في رحلة عودته إلي المنزل، فقال له الوالد "أديك قاعد، لو بعت حاجات مكسبها فوق الأربعة جنيه أبقى روح الرحلة"..

(2)

يوم آخر في نفس المكان، نفس توقيت عودة الطفل من المدرسة إلي والده، وعودة والده إلي المنزل، يرحل الوالد ليبقى الطفل في مكانه يبيع ويشتري، وبين الحين والآخر يطالع كتبه المدرسية.. وبينما هو بين البيع والمطالعة كثرت الحركة في السوق بشغب وجري وصراخ الباعة بعضهم علي البعض: "البلدية.. البلدية".. هذا الهرج الذي يتكرر بين يوم وآخر..

وما أدراك ما البلدية للباعة، موظفو الحي الذين يجوبون الأسواق يلملمون البضائع من أصحابها بجريرة شغل الطريق.. فيجري الباعة يحملون ما يقدرون علي حمله من بضاعتهم.. فتقع الفاكهة والخضار علي الأرض لتهرسها أقدام المارة أو عجلات سياراتهم.. يأخذ الموظفون البضائع إلي مبنى الحي يقودهم أحد الضباط، ويذهب وراءهم الباعة لكي يحصل سعيد الحظ منهم علي بضاعته بعد دفع الغرامة المقررة ليعود إلي السوق في محاولة لبيعها مرة أخرى، لتعود البلدية من جديد.. وهكذا بمضي السوق..

كل الباعة كان لديهم خوفهم من البلدية.. أما هو فكان يحمل إلي جانب ذلك خوفه من رد فعل والده إذا ما أخذت البلدية البضاعة.. اقترب منه "ظابط البلدية" ليأخذ بضاعته كما يفعل بمن لا يستطيع حمل بضائعه والجري بها.. بكى الطفل وترجى الرجل أن يتركه.. نظر الضابط إلي بضائع الطفل نظرة متفحصة.. ثم أخذ منها علبة "بوردة تلك" رماها علي الطفل القابع في الأرض قائلا له: "لما تخلص عياط أبقى رش علي وشك من دي".. وأخذ البضاعة وذهب..

(3)

أنهى الطفل المرحلة الابتدائية وانتقل إلى الصف الأول الإعدادي، ونقل معه الوالد مكان عمله إلي الطرف الآخر من السوق.. الطرف القريب من المدرسة الإعدادية، وكما كان الحال من قبل.. ينهي مدرسته ليتوجه إلي والده ويذهب الوالد إلي البيت لتناول الغداء والراحة.. ولكن هذه المرة.. وبعد الانتقال إلي الطرف الآخر كانت هناك طريقة أخرى لتمضية الوقت.. كان هناك "سيد" بائع الجرائد..

فبجوار الوالد كان يقف أيضا بائع الجرائد بـ"فرشة" بها مجموعة من الجرائد والمجلات.. لم يكن التنوع كبيرا كأيامنا هذه.. ولكنه كان موجودا.. الأهرام والأخبار والجمهورية والوفد بكاريكاتير الصفحة الأولى والشعب عندما كانت هناك جريدة بهذا الاسم.. وميكي وماجد وعلاء الدين ونصف الدنيا والعربي وروز اليوسف – قبل كرملة وكيمو- ..فأشبع الولد متعته من القراءة المجانية يوميا ولمدة ثلاث سنوات كانت هذه هي متعته الثانية، فالأولى كانت رجل المستحيل وملف المستقبل من أيام الابتدائي.

والده الذي لم يطق يوما أدهم صبري أو محمود نور الدين كان يخبره أن يقرأ سورة "يس" كل يوم عندما يأتي لكي يرزقه الله بمشترين.. فسورة يس لما قُرأت له.. كان يفعل ولكن والده لم يصدقه لأنه كلما "كبس عليه" وجده يقرأ من بضاعة "سيد" بينما هو كان يقرأها بمجرد وصوله.. فوالده لم يخبره يوما أنها يجب أن تقرأ طوال الوقت.. إلي أن "كبس" الوالد في يوم

ووجده يقرأ ميكي.. قرصه بشده وقال له: "اقرأ في المصحف أحسن.. الكلام ده حرام".. ثم قطع المجلة وقال: "أبقى ادفع لسيد حقها من مصروفك".. مصروفه كان وقتها ربع جنيه..

(4)

في يوم أخبر الوالد طفله أنه عليه أن يوافيه "علي الفرش الساعة 6 علشان عندي مشوار".. تأخر الطفل عن موعده – فكل الأطفال يتأخرون – ذهب إلى والده.. نظرا له الوالد ثم ضربه بالقلم علي وجهه قبل أن يستمع لسبب تأخره.. ولم يستمع له قط.. بعدها بقليل أخبره أنه ضربه علشان "عايزك تتعلم تحترم مواعيدك زي الرجالة.. أنت لو واحد صاحبك قالك هنلعب كورة الساعة 6 هتتأخر عليه؟".. لم يكن يعرف أن ابنه لا يلعب الكرة كثيرا.. فهو "مش حريف"..

بعدها بيومين عاد الطفل من المدرسة كما تعود كل يوم.. طلب من والده أن يعود إليه الساعة السادسة مساء لأنه موعد الدرس المجاني.. الدرس الوحيد الذي يأخذه.. وافق والده.. بعد أن ذهب الوالد ذهب إلي "سيد" أخذ منه جريدته.. مر الوقت وأخذ سيد الجريدة ولم بضاعته وعاد إلي منزله.. بدء باعة السوق في لملة أغراضهم استعدادا للرحيل.. وهو مازال منتظرا..

مرت الساعات.. كان هو جالسا يقرأ في رياض الصالحين.. يأتي الوالد بعد التاسعة بكم لا يدري.. نظر له والده وقال له "أنت إيه اللي مقعدك لحد دلوقتي".. قال له: "كنت مستنيك علشان أنت قلتلي إنك هترجع".. قال له "معلش راحت عليا نومة.. يلا لم الحاجة علشان نروح"..

(5)

كان والده يبيع الشرائط الإسلامية.. ولكل من يبيع الشرائط مع انعدام وجود مصدر كهرباء حل سحري.. كاسيت سيارة يتم توصيله ببطارية جافة صغيرة من المستعملة في الموتسيكلات موصلة بمحول كهربي يتيح شحن البطارية من كهرباء المنزل وسماعات ويتم تجميع ذلك كله في صندوق خشبي.. ولمن لا يعرف هذه البطاريات تملأ من وقت لآخر بماء النار المخفف..

وهو كان عليه أن يحمل الصندوق الخشبي علي كتفه مساء في رحلة العودة للمنزل لشحن البطارية استعدادا ليوم العمل التالي.. مع حركة خطوات طفل صغير يحمل شيء ثقيل.. كانت قطرات ماء النار تتقافز من البطارية داخل الصندوق الخشبي.. خطوات أخرى تتساقط بعض القطرات علي كتف الصبي.. تخرق الملابس لتلسع الجلد..

وعلي الرغم من أن ماء النار مخففا.. إلا أنه كان يأتي مفعوله.. ويمارس دوره كأي سائل حمضي قوي يحترم نفسه.. فتتقافز أكثر خطوات الصبي.. ولكن هذه المرة لم يكن الحمل هو السبب.. لكنه الألم.

الاثنين، يوليو ١٦، ٢٠٠٧

عذرا زياد

هل أحببت طفلا من قبل.. طفلا ليس بابنك أو قريبك.. أحببته لمجرد أنه أكثر من طفل.. أحببت طفلا دون أن تدري لماذا وهو بادلك الحب دون أن تدرى أيضا لماذا..

لا تدري لماذا تقبل يديه كل دقيقة.. هل لان ملمسها يشبه ملمس يدا لم تعد ملكك.. لا تدري لماذا تقبل قدميه الصغيرتين كل صباح.. وتتساءل هل أنت تهوي تقبيل أقدام ليست ملكك..

زياد الذي لم يكمل الشهر السادس من عمره حالة مختلفة من الحب.. يراني أتيا فيتهلل.. اقترب من مهده فتتقافز أرجله ويديه في الهواء فرحا.. يناديني كي أحمله..

لا أدرى كيف تعلم طفلا صغيرا أن يعبس عندما أقول له "باي باي" وان يضحك عندما أقول له "هشرب سيجارة بره وجاى تاني".. تقول والدته أنه يبدو كالمكتئب يوم الأجازة.. وأنا اعرف أنه يكون سعيدا فحوله الكثيرون ممكن يحبوه..

غريب أمر زياد.. لا تدرى حقا كم هو غريب إلا عندما ترى نظرة عينيه عندما أضمه إلى صدري ويحس بعدم انتظام نبضاته بين الألم والندم.. حين يراني أبكي..

غريب أمر زياد حين يتركني أغنى له.. فهو يعلم أني لا أغني إلا عندما أكون طفلا.. فيتركني أغنى طفلا ويسمعني طفلا.. لا يتذمر عندما أغني له CELINE DION أو منير.. فعلي الرغم من أن أغاني الأوجاع لا تناسب سنه الصغير إلا أنه يتركني أغني.. فهو وحده يعلم كم أتألم وكيف أعيش.. ماذا أبصق وماذا أتقيء..

غريب أمر زياد.. فبدلا من يحس هو بالأمان معي طفل يمنحني هو الأمان والحنان.. فمن يتخيل أن طفلا يمنح الأمان.. عندما أبدأ في البكاء أضمه إلي صدري أكثر.. فيربت علي بكفيه الصغيرين يضعهما علي وجهي فأتجاوب معه وامسح ما انكفئ علي الوجع من دمع..

ما عرفته مع زياد لا أعتقد أنى سأعرفه مرة أخري.. ولذلك أتمني ان يذكرني عندما يكبر يوما ما.. ألا يكرهني يوما.. فأنا جيدا بما فيه الكفاية لكي أضيع أى حب حولي..

اليوم لم أستطع أن أحمله.. خفت أن يقع من يدي.. فبكيت..

عذرا زياد لقد وهن الذراع فلم يعد يقوي علي حملك..

وقبل أن أمضي.. ولأن الأطفال يرون الله..

من فضلك زياد لو رأيت الله أخبره أن يرحمني