نكسة علي الطريقة الحكومية
هذا الموضوع تم نشره في موقع ولاد البلد
"النكسة".. تلك الكلمة التي تحمل في كل حرف من حروفها قدر لا يحتمل من الحزن.. ولا تقل لي لماذا الحزن فقد حررنا الأرض؟.. فالأرض لم تتحرر فمازالت فلسطين محتلة.. وإذا لم تكن تحمل في قلبك أي إحساس بارتباط الأرضين فيكفيك أحزان أهالي من قتلهم اليهود في النكسة لينفطر قلبك بالأسى.
وبينما يعتصر الألم قلوبنا في ذكري النكسة تجد من يحتفل بها فيما وراء الجدار الفاصل.. يحتفل اليهود بانتصارهم علينا في النكسة.. ويحتفلون أيضا في ذكرى حرب أكتوبر لأنها كانت الطريق إلي "كامب ديفيد" التي حفظت لهم حقهم في دخول سيناء وقتما وكيفما شاءوا..
وبعيدا عن حزننا في النكسة واحتفال اليهود بها، فيبدو أن الحكومتين المصرية والإسرائيلية قررتا أن يكون الاحتفال بيوم النكسة مختلفا.. ستتقرب الحكومتان من بعضهما البعض.. ستبرم الاتفاقيات الاقتصادية وتجرى المباحثات السياسية..
سيتكلم الشعب الحزين عن اللقاءات الثنائية بين الحكومتين ورئيسيهما.. وسينسى الجميع النكسة ويتكلم عن ما جري في اللقاءات.. سيحقق الكل فيما قال الطرفان ولن يقول أحد كيف اجتمعا أصلا.
البداية.. سلام
وبدأت الزيارات الموسمية للمسئولين الإسرائيليين إلي مصرنا المحروسة يوم 3 يونيو 2004، قبل ذكري النكسة بيومين، عندما تشرفت القاهرة بوصول السيد "سيلفان شالوم" وزير خارجية إسرائيل بسبب "بحث المبادرة المصرية" حول خطة فك الإرتباط.وخطة فك الإرتباط لمن لا يعلم هي خطة الانسحاب أحادي الجانب التي نفذتها إسرائيل وانسحبت بموجبها من قطاع غزة لتحاصره من الخارج، والمبادرة المصرية كانت تهدف الى قيام مصر بتدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية علي مهام حفظ الأمن بعد إنسحاب إسرائيل من القطاع.
والتقي شالوم في زيارته تلك بالرئيس مبارك، الغريب في الأمر أن فيم 6 يونيو حكمت إحدى المحاكم الإسرائيلية علي مروان البرغوثي أحد قادة حركة "فتح" الفلسطينية بالمؤبد خمس مرات، وبالطبع لا توجد علاقة إلا في العقول المريضة بنظرية المؤامرة.
وكان اللقاء الثاني في شرم الشيخ مدينة السلام التي أصبحت ،هي وباقي سيناء، أكبر مكان لتجمع الإسرائيليين في الإجازات والإحتفالات، ولا مانع من أحتفالهم بالنكسة علي أرضنا.
إلا أن اللقاء هذه المرة لم يأتي في موعده بالضبط، حيث التقي الرئيس المصري بنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز يوم 20 يونيو ليقرر ليعلن بعدها عن نيته لزيارة إسرائيل بناء علي دعوة من رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون قائلا أنه لن يزور القدس المحتلة، وإنما مزرعة شارون في صحراء النقب!!
هذه الزيارة المباركية لم تتم، ولكن بعدها بأيام وفي 30 يونيو زار مصر وزير البنية التحتية الإسرائيلية بنيامين إليعازر لتوقع مصر مع إسرائيل اتفاقا لتصدير الغاز يمتد لمدة 15 عاما، لا تعليق..
الرأس الكبيرة
وهذا العام وفي ذكري النكسة بالضبط وصل إلى شرم الشيخ "المحروسة" أكبر رأس في البر الإسرائيلي كله "إيهود أولمرت" رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، وسع يا جدع انتا وهو، وبالطبع المباحثات كلها حول فلسطين ولصالحها، فمصر ليس لها مصلحة في ذلك لا سمح الله..وأنصبت المفاوضات هذه المرة حول الأوضاع الحياتية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، والطرق الممكنة لضمان تدفق المساعدات الدولية المالية والإنسانية للشعب الفلسطيني، بعيدا عن أيدي الحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس بالطبع.
كما تناولت المباحثات الجهود الإقليمية والدولية المبذولة من أجل تسوية مشكلة إدخال المساعدات والمنح الدولية إلي الأراضي الفلسطينية.، وطرق إنهاء حالة التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية!! وسبل عودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي..
وبالطبع أكد "الجانب المصري" كثيرا علي أن الحلول أحادية الجانب "عيب" ومش حل، وطالب الجانب الإسرائيلي "حكومة حماس" بضرورة الاعتراف بإسرائيل، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة!!
طلبات
ولازما ولابد تكلموا عن مقتل رجلي الشرطة المصريين علي الحدود حيث طالبت الحكومة المصرية نظيرتها الإسرائيلية بـ"عدم تكرار ما حدث"!!، يا حزني...لا أدري لماذا فكرت في كم من الوقت استغرقه هذا "الطلب" من أصل ساعتين جلس فيهما مبارك مع أولمرت، أعتقد أنه أقل من الوقت الذي قرأت أنت فيه هذا الطلب، ولا أدري لماذا أيضا عندما قرأت هذا الطلب تذكرت طلبا أخر قدمه أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري إلى الحكومة الإسرائيلية.
كان الطلب أن تكون أكثر إنضباطا علي الحدود عن طريق إختيار ضباط أكثر إنضباطا علي الحدود، وكان الطلب بعد قتل الجيش الإسرائيلي في نوفمبر 2004 3 جنود مصريين "داخل الحدود المصرية"!!
ونظرا لإحساسي الخاص المريض وشعوري بعقدة الإسرائيليون كلما زار وفد منهم مصر فأني أشعر بأن الأيام القليلة القادمة ستحمل إما خبرا سيئا للفلسطينيين أو خبرا اقتصاديا لمصر بتوقيع اتفاقية جديدة بين مصر وإسرائيل.. وأهو كله علشان الشباب العاطل يشتغل.. ويا مسهل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق